نجع أبوبسيسة بمنطقة العامرية بغرب الإسكندرية‏..‏ كارثة بيئية بكل المقاييس‏..‏ يسكنها شبح الموت حيث تعد مصدرا غنيا للملوثات والأمراض التي تضع نهاية الحياة لسكانها دون أن يقترفوا أدني ذنب فيتحول الأمر إلي جريمة يعلمها المسئولون‏.‏ 
المأساة بدأت عندما وافق المسئولون بمحافظة الإسكندرية في عام‏1992‏ علي عمل موقع الصرف الصحي‏(9‏ ن‏)‏ والذي يحتوي علي مخلفات الصرف الصحي الحمأة الخاصة بمحافظة الإسكندرية وتقع بجوار نجع أبوبسيسة بالعامرية غرب الإسكندرية‏..‏ وهذا المشروع التابع للهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية والتي تقوم بتجفيف مخلفات الصرف الصحي لتصبح حمأة وبيعها للمزارعين تحت اشراف كلية الزراعة جامعة الإسكندرية علي انه سماد عضوي رغم عدم معالجته كميائيا أو بيولوجيا طبقا لما صرح به الخبراء في مجال البيئة‏..‏ وعلي الرغم من منع بيع هذا السماد في دول العالم وتخصيصه لزراعة الأشجار الخشبية ونباتات الزينة وليس في زراعة أشجار الفاكهة والخضر‏.‏
لأنه يسبب الأمراض السرطانية والفيروسات الكبدية والربو وتشويه الأجنة واجهاض النساء وزيادة عدد الوفيات بين أهالي قري مريوط ولاسيما أهالي نجع أبوبسيسة كما انتشرت الأمراض بين معظم المصريين نتيجة تناولهم الخضر والفاكهة المحملة بالأمراض فانتشرت أمراض الكبد والفشل الكلوي‏.‏
وحول الكارثة يقول عبدالباري رحيم عوض ـ مزارع ـ من أهالي نجع أبوبسيسة‏..‏ ان العديد من أهالي قري مريوط اصيبوا بأمراض خطيرة بسبب موقع‏9‏ ن الذي يبعد عن منطقة العامرية‏10‏ كيلو مترات فقط حيث يتم نقل مخلفات الصرف الصحي الخاص بالمحافظة من خلال سيارات كبيرة بواقع‏400‏ طن يوميا هذه السيارات تمر وسط القرية وتتساقط منها المخلفات نتيجة عدم تغطيتها مما يترتب عليه انتشار الروائح الكريهة والتي ينتج عنها الأمراض الخطيرة بكل أنواعها‏.‏
أما شعبان قاسم حسين ـ مزارع ـ من أهالي النجع فيقول‏:‏ ان مشروع‏9‏ ن عبارة عن مرمي لمخلفات الصرف الصحي بالإسكندرية بحيث يتم معالجتها بطريقة بدائية ويتم تشوين الحمأة بنظام المر الهوائي مما يسبب رزازا ميكروبيا أصاب آلاف المواطنين بالنجع والقري المجاورة بالأمراض الصدرية القاتلة‏.‏
ويضيف‏:‏ بعد تجفيف الحمأة يتم بيعها كسماد عضوي للمحاصيل الزراعية مما يساعد علي انتشار الأمراض بين المواطنين‏.‏
أما الكارثة الأخري فهي زراعة شركة الصرف الصحي‏20‏ فدانا زيتونا تروي بمياه الصرف الصحي ويتم تسميدها بالحمأة‏.‏
ويؤكد إبراهيم محمود من سكان أبوبسيسة بقوله‏:‏ ان موقع‏9‏ ن والخاص بمشروع الصرف الصحي الحمأة والذي انشئ عام‏1992‏ من المفترض انه مشروع أمن وصحي وغير ضار بالبيئة كما صرح عدد كبير من السادة الوزراء السابقين بالنظام السابق ولكن مع مرور الوقت اكتشفنا حجم الكارثة التي نحيا فيها فقد انتشرت الروائح الكريهة والأتربة المحملة بالحمأة الصلبة خاصة أثناء فترات الرياح في فصل الشتاء مما ساعد بشكل كبير علي انتشار الأمراض الخطيرة خاصة الفشل الكلوي الذي يعاني منه معظم سكان غرب الإسكندرية‏.‏
ويشير‏..‏ لقد تقدمنا بالعديد من الشكاوي والاستغاثات للسادة المسئولين منذ عام‏2004‏ وحتي الآن ولكن ما يدعو للأسف لم نجد أي استجابة من أحد وفي كل مرة تذهب صرخاتنا ادراج الرياح‏.‏
هي جريمة بكل المقاييس‏..‏ بهذه الكلمات بدأ المستشار مجدي الشرقاوي رئيس مجلس إدارة جمعية البيئة العربية بالإسكندرية رأيه في تلك الكارثة الصحية والبيئية مؤكدا ان‏..‏ الكارثة ليست في قرية أبوبسيسة فقط حيث يوجد أكثر من‏300‏ ألف مواطن في أبوبسيسة والقري المجاورة بمنطقة كنج مريوط يعانون من جراء وجود موقع‏9‏ ن في غرب الإسكندرية‏..‏ اما عن خطورة هذا الأمر فتكمن في وجود موقع‏9‏ ن علي ربوة بمكان مرتفع وبقية القري في أماكن منخفضة‏..‏ واختيار الموقع دون مراعاة سكان هذه القري يعد تدميرا متعمدا للبيئة والإنسان معا لان وجود الحمأة تدمير للتربة ومخزون المياه الجوفية والزراعات والمحاصيل الزراعية التي يتناولها الإنسان‏.‏
ويضيف‏:‏ ان ماساة موقع‏9‏ ن بنجع أبوبسيسة لا تقارن باية مخالفة بيئية علي مستوي العالم ولا أحد يعلم سر استمرار هذا المشروع المدمر للبيئة والقاتل للحياة حتي الآن‏..‏ ولمصلحة من؟ لا نعلم
ويشير إلي ان موقع محطة المعالجة يقع علي مساحة‏125‏ فدانا لابد أن يتم تجميد نشاطه فورا وتسليم هذه المساحة للقوات المسلحة من أجل انشاء منطقة صديقة للبيئة وذلك لمكافحة التلوث وحماية المجاري المائية ونشر ثقافة الزراعات والصناعات النظيفة صديقة البيئة‏..‏ مؤكدا أن الدكتور أسامة الفولي محافظة الإسكندرية قد أمر بتشكيل لجنة لبحث ابعاد الكارثة من الأساتذة والخبراء المتخصصين وإعداد تقرير بالحلول للقضاء علي شكاوي المواطنين ومازال الأهالي في انتظار ما ستسفر عنه أعمال هذه اللجنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تلك الكارثة‏.‏
أحدث أقدم